البـلـوت ... إدارة ... وقـيـادة ... وحـيـاة ...!

بداية أشكر المؤلف الأستاذ / فوزي عبدالرحمن أصيل والذي بادر بإهدائي كتابه الجديد ( البلوت إدارة ومهارات قيادية ) .

وهو الكتاب الثاني الذي يتناول هذه اللعبة السعودية الشعبية ...

ولكنه وكما يتضح من عنوان الكتاب يتناول اللعبة الشعبية من جانب إداري وقيادي ومهاري ...

وفي هذا الكتاب الشيق تجد مقارنه ذكية مدروسة مقننة بين اللعبة ... وبين
أي عمل إداري قيادي ... مهاري ... من جميع النواحي ... الإدارية ..
والإجتماعية ... والإنسانية ... والتدريبية ... والمعنوية ... والنفسية
....!

كتاب ييسر على القارئ الرؤية للإحاطة بالمنظور الإداري القيادي ... ويبين
تقسيماته ومكوناته ... مدعمة بالأمثلة المبسطة الملموسة للعبة ... والتي
لا تعرف لشدة حبكتها ... هل تصب في صالح اللعبة ... أو في صالح التدريب
الإداري ...!

ويستخدم الكاتب جميع الألفاظ المحلية المستخدمة من قبل اللاعبين ... ودلالاتها ... وأهميتها ...
كما تجد في النصف الثاني للكتاب ... نتائج إستبيان شامل لجميع الظروف
الخاصة باللعبة واللاعبين على السواء ... وما يحدث في اللعبة من تعاملات
إدارية وقيادية ومن وجهة نظر اللاعبين ..!

وهذا بحد ذآته منطلق جديد لسبر أغوار اللعبة من منظور وزوايا مختلفة.

والتي يمكن من خلالها تحليل الشخصيات التي تزاول اللعبة ... وتحديد دوافعهم وتاملاتهم وخلفياتهم ... من مجرد اللعب ...!

وقد تمتعت حقيقة بالكتاب ... وأتمنى أن تتمكنوا جميعا من قرأته ... لما
فيه من المتعة والجدة ... ولأنه مليئ بالفائدة الإدارية الحديثة التي قد
نستصعب البحث عنها في كتب الإدارة المعروفة ...

ولعبة البلوت ... تعتبر من أصعب وأذكى الألعاب الورقية وأكثرها من ناحية
الإحتمالات اللامتناهية .... لدرجة أنه قد يمر عليك سنوات طويلة من
مزاولتها ... لا تتمكن خلالها من مشاهدة تكرار لعبة متشابهة 100% مع لعبة
اخرى ....!

حقيقة أن اللعبة مدهشة ...
خصوصا لكون بعض من يلعبونها من الأميين ...!!

أو ممن لا يجيدون علم الحساب بالطرق الروتينية المتعارف عليها ...
ولكنهم ... وفيما يختص بحسابات اللعبة المعقدة ... يمتلكون قدرات عجيبة
تجعلهم يحسبون الأوراق ذهنيا ... وحتى قبل نهاية اللعبة ... ويدهشونك
بنباهتهم ...وقدراتهم الحسابية الرياضية .... !

واللعبة في نظري ليست إلا جزء من الحياة السعودية .... ويمكن مقارنتها بأي تجمع بشري إجتماعي منظم محكوم بقوانين وأسس ...
حيث يضطر الجميع إلى إتباع القوانين المتاحة المتعارف عليها ... والتعايش معها كأي فرد من أفراد المجتمع ...
وتنصيب قائد لمراقبتها ... وأعضاء لتنفيذها ... وإصدار الأحكام ضد من
يتلاعب أو لا يحترم قوانينها ... وتكوين مجالس شعبية للقيام بها وتطويرها .

ففيها الكثير من السياسة ...
وفيها الكثير من علم النفس الإنساني ...
وفيها الكثير من علم الإجتماع ...
وفيها الكثير من البحث والتحليل والفراسة ...
وفيها الكثير من القيم ... كالأمانة والخيانة والصدق والكذب والخوف .. والتردد ... وغيرها
وفيها الكثير من التحركات العسكرية ...
وفيها الكثير من الخطط والحيل .. والتي قد تكون قانونية أو متلاعبة بالقانون ...
وفيها الكثير من العلاقات الإنسانية والمعاهدات والتحالفات ...
علاقات تنشاء وتتأصر عراها بين مختلف الأجيال ... ومختلف المناصب ...
فالكبير خلالها يرضى بالمشاركة والتعاون مع من يصغره سنا أو منصبا لتكوين
فريقا واحدا.. متقبلا تبعات ذلك وعواقبه ...!

وفيها الكثير من علم الكلام ... والإيماء ... والمماطلة ... والتمويه ...
وفيها خداع ... وتصوير للواقع بصورة مغايرة لما هو عليه ....!
وفيها حنكة ... وقدرة على إتخاذ القرار ....
وفيها فشل وتقبل للهزيمة ... وحقد وكره ... قد يصل للقطيعة ...

لعبة البلوت .... حياة بأكملها ....

وفي وجهة نظري أنه يمكن أن تكتب عن هذه اللعبة كتبا كثيرة ... وأن يتم
تناولها من زوايا جديدة ... كما تناولها هذا الكتاب من زاوية القيادة
والإدارة ...

نظرا لأهمية هذه اللعبة لنا كسعوديين ... وللعدد الضخم ممن يزاولونها ... وللأوقات الطويلة التي تستهلك فيها ...
وللعلاقات الإنسانية التي تنشاء معها ... أو تنتهي بها ....!!

مع وأفر محبتي ...