رحــل عـنــا .... فتنطع المتنطعون ... وإدعوا وصلا بليلى ...

منظر يتكرر كلما رحلت عن دنيانا شخصية عامة ...
ورحيل شاعر القضية ... محمود درويش ... كان فرصة لمن لم يتنطع بأن يتنطع .... على قفانا ....!
وأن يسطر الأعمدة في الصحف والمجلات ...
وأن يبكي حرقة على فقده ...
وأن يذكر لنا مزاياه وصفاته التي نجهلها ...
وأن يصور لنا ما لم تصوره قصائده ... من المعاني ...
وأن يشرح لنا بتوسع ما لم يقصد ...!

فأثناء حياة الشاعر .... لم نكن نسمع صوتا يمدحه إلا على إستحياء ...
ولم تعقد له المؤتمرات والندوات في حياته بالشكل الذي يحدث بعد مماته ...
ولم يتم تكريمه في وجوده كما في غيابه ...

ويأتي كل من هب ودب ...
كتاب وشعراء وأدباء ...
ويدعي كل منهم وصلا بالمرحوم ...
ويرثيه بقصيدة عصماء ... أو برسالة نثر مبكية حزينة ...
ولو سألته أن يتلو عليك بيتا من ابيات الشاعر المرحوم ... لأصفر وأخضر كإشارة حيرى للمرور ... وسال عرقه .... خجلا ...
وتلعثم ... وإعتذر عن ذاكرة رثة ...!

البعض يحكي عن صداقته الحميمة مع المرحوم ...
والبعض يحكي عن حوار تم بينهما ... في طائرة ... أو على كراسي مقهى بأرض الواق واق ...
والبعض يكذب أكثر ... ويغوص في علاقاته العائلية ... ليثبت أنه كان على صداقة عميقة بالمرحوم ...
فأين كل ذلك عندما كان بيننا ....؟
وهل كان سيوافق عليه ....؟ أم أنه كان سينفيه جملة وتفصيلا ...؟

ونقول دوما كيف يتم تزوير تاريخنا ...
وكيف يتم محو بعض الأحداث .... وخلق الكثير مما لم يحدث ...!
وكيف نسمع عن نكرات وتافهين .... ونهمل الأعلام الحقيقيين ...!
ونقول لماذا نعيش على متناقضات ...!
ونقول لماذا لا نتفق على شيئ ...؟
أنها ولا شك صورة من صور حياة التزوير والغش والخداع والكذب الصريح التي يعيشها رواتنا و كتابنا ومؤرخينا .... !!