peso مشرف المنتدى العام+الجوال
عدد الرسائل : 2846 العمر : 36 نقاط : 294114
| موضوع: الاحتباس الثقافي في بلادنا السبت أبريل 04, 2009 10:05 pm | |
| الاحتباس الثقافي في بلادنا
في الطبيعة، هناك توازن أزلي، صعود يقابله هبوط، حر يقابله برد، فقر يقابله غنى، شرب يقابله تبول (حتى في الأرض ري يقابله بزل أو صرف)، قراءة يقابلها نقاش، معرفة يقابلها اختراع وحل للمشاكل.
حسنا، في أواسط القرن الماضي ازدهرت عمليات المثاقفة بين أبناء الوطن العربي، فكانت أشعار أبي القاسم الشابي ومعروف الرصافي وأحمد شوقي وسليمان العيسى تُردد في صفوف الدراسة كما يتم تناول أشعار شعراء جاهليين وأمويين وعباسيين وأندلسيين. وكانت الرواية العربية والقصة القصيرة يتم مناقشتها في جلسات المثقفين بعد نشرها بعدة أشهر. كما أن نظريات سياسية كان يتم التعرف عليها من خلال إشارة مدرسي التاريخ أو الفلسفة في غرف الصفوف، وكانت (بسطات بيع الكتب) تشهد حركات استثنائية.
ماذا حدث؟ لقد تعفف الشباب والشابات ـ عندنا ـ وأقلعوا عن عادة القراءة والمطالعة إقلاعا ملفتا للنظر حتى أصبح يُشار لأمتنا بأنها من أقل الأمم مطالعة وقراءة. في حين تجد مسنا أجنبيا أو فتاة أجنبية يمسك و تمسك بكتاب في قاعة الانتظار في مبنى مطار، وما أن تنتهي رحلة الطائرة حتى يكون الكتاب قد انتهى.
كان من يقرأ كتابا، يجد مجالا لتوظيف ما قرأه في نقاش، بسهرة مثقفين، أو اجتماع حزبي، أو في بهو ثقافي يستمع فيه المثقفون لأستاذ محاضر، أو شاعر أو روائي. وكان صغار الفتية يمارسون مثاقفتهم من خلال إصدار نشرات مدرسية (مجلة حائط) أو من خلال برامج تثقيفية يستحدثها مربو الصفوف المدرسية أو القادة الكشافة مثل بين فريقين أو المبارزات الشعرية.
لقد اضمحلت تلك النشاطات، فأحس المثقف أو (مشروع المثقف) أنه لا حاجة به للقراءة، فتلك (بضاعة لا سوق لها)، وتحولت سهرات المعلمين والجامعيين للعب (الورق) أو مراقبة مباراة بين ناديين أجنبيين دفع اشتراك فك تشفير قناة التلفزيون فيها بما يفوق ثمن كتاب أو كتب. وانحبست الرغبة في الحديث بالشأن العام لعدم جدواها. وأصبحت تتجول في المنتديات الثقافية في (الإنترنت) وتجد عملا لمثقف زاره عشرة أو عشرون من القراء، في حين تجد مساهمة مثل (عد للخمسة واهدي وردة أو ساندويتش لمن بعدك) يتجمهر حولها آلاف المريدين.
هل نسمي تلك المرحلة بمرحلة الاحتباس الثقافي؟ وإذا كانت مسألة الاحتباس الحراري قد أقامت الدنيا ولم تقعدها، فإن مسألة مثل التي نمر بها بحاجة ماسة لمن يتناولها على أكثر من صعيد لمعالجتها.
| |
|