الكتابة .... فن ... وحرفة .... ونقش على شغاف القلوب

ورد في بريدي رسالة من أحد الأحبة الأعضاء يسألني أن
أدله على كيفية الكتابة .. وكيف يستطيع أن يعبر بها عن كلما يختلج في نفسه
... من مشاعر وافكار ورؤية لا يتمكن من تدوينها ... وعرضها على عيون
القراء ....؟!

والحقيقة أن الرسالة قد سرتني وأثلجت صدري .... وأشعرتني بالزهو في
البداية .... ولكنها بعد دقائق أشعرتني بالخوف والرهبة .... والرعب من أن
لا أكون الشخص المناسب للرد على مثل هذا التساؤل ... وأن لا تكون خبرتي
وطريقتي مناسبة للإقتداء ...

وأخيرا قررت أن أدون ردي المتواضع هنا ...

وأن أترك لكم اخوتي وأخواتي المجال للإدلاء بدلائكم ... والرد على مثل هذا التساؤل .... حسب خبراتكم ...

وأنا في الحقيقة عندما تخالجني رغبة في الكتابة (وهذا يحدث عندي على شكل
ومضات عصبية تنبهني إلى أن فكرة على وشك أن تتبلور وتخرج للدنيا) أحاول أن
أنفرد بنفسي فلا أعود أريد بشرا ولا صوتا ولا شاغلا يشغلني ...
فأغلق على نفسي في غرفة منعزلة ... أو في سيارتي ... وأطلق العنان لفكري
لرسم الصورة مبدئية أمام ناظري ... لتحديد أطر الموضوع ... ونقاطه الهامة
... وزواياه ... من كل ناحية ... وأحاول أن أنظر له من منظوري الخاص ....
فلا يكون شبيها لمنظور أخر .... لكاتب أخر ...
ثم أعمد إلى أقرب قلم أو حاسوب .... أو حتى ملفات رسائل هاتفي الجوال إن
لم أجد البديل .... لأني أخشى على الفكرة من الزوال ... إن أنا أهملتها
.... ولو لدقائق .... في حياتنا المتسارعة ...
أكتب أتفق وكيفما كانت الأفكار في رأسي .... دون ترتيب .... ولا تصحيح إملائي .... ولا تيقن ...ولا جمل وكلمات رنانة ...
وأحاول وضع جميع أفكاري في بوتقة وأحدة ... على ورقة ... أو شاشة .... حتى
يمكنني مشاهدتها ومعاودة قرأتها .... والتمعن فيما سطرته فيها ... وماذا
كان ينقصها لتكتمل ....؟
وقد يكون من المفيد في هذه المرحلة البحث والتقصي عن مراجع أو مقالات او
مواضيع مشابهه .... حتى لا يحصل تشابه أو توارد في الأفكار غير محمود ...
وبعد ذلك تبداء مرحلة التجميل في النص بالقص ... واللزق .... والتصحيح
.... والإيضاح للنقاط التي أفهمها أنا .... ولكنها قد تكون خافية على
القارئ ... وإستحدام ادوات البديع البسيطة .. وأحرص على الكلمات العربية
الفصيحة ...

وأي موضوع يحتاج ... في البداية إلى
1- مقدمة مبسطة تقدم وتشرح للقارئ ماذا هزني لأكتب ..
ومن ثم يحتاج في الوسط إلى
2- محتوى .... دسم ... وأسئلة وأجوبة ... وتبيين وصور ... وربط للأفكار
...وإستدلالات ... وشواهد .... ورسم صورة فكرية .... للموضوع من جميع
الجوانب
3- والإختصار ممتاز .... إذا لم يكن يؤثر على حبكة الموضوع ....
فلا داعي للطحن والعجن .... والقارئ يفضل أن تتعامل معه بذكاء ... وأن لا تردد كثيرا نفس الكلمات او الجمل ...
4- إستخدم النقاط أو الترقيم وعلامات الإستفهام والتعجب في مكانها ... لتحديد افكارك ....وتبيان أهميتها...
5-إستخدم التظليل ... والتكبير والتلوين ... للكلمات المهمة ... !
6- كن مباشرا دون فجاجة.... ولا تحاول تزويق الكلمات كثيرا
7- ولا تخشى أن تقول ما تفكر به ... طالما أنه لا يمس بالمسلمات ...
8- حاول تحميس القارئ ... وشده بالغرابة المحببة .... والمواراة الجيدة ...
ثم بعد ذلك تأتي

9- النهاية .... بملخص بسيط يحتوي على خلاصة الفكرة ... والناتج الذي يأتي
منها .... أو سؤال كبير .... يترك للقارئ حرية الفهم ... من نفسه ...
وبعد ذلك ...

10- أعود لمراقبة وتصحيح الأخطاء الإملائية .... والقواعدية إن وجدت ....
وعندها لا يتبقى إلا

11- العنوان ...
وإختيار العنوان يعد من أهم الأمور التي يتميز بها الكاتب ... وأذكاها ...
فإذا كان عنوانا واضحا كل الوضوح .... فإنه لا يعد جذابا للقارئ .... وقد يضر بالموضوع ...!
وإذا كان غريبا لا يمت للموضوع بصلة .... فالقارئ لن يعود لمواضيعك مستقبلا ...
لذلك أحرص على أن يكون العنوان ذكيا غريبا... بعض الشيئ ... ولكنه يعطي
معنى دقيق .... ويدل على كنه الموضوع .... حتى ولو كان صعبا بعض الشيئ ...

وبذلك تكتمل أطراق وزوايا موضوعي .... وأكون جاهزا لطرحه .... للقراء ...

وتذكر أنك لن تتمكن من اقناع الجميع بما تقول ...
ولكن ... يكفي أن تكون الأغلبية راضية ومتفهمه لأفكارك ...
وتذكر أن اللعب بالنار .... يحرق الأقلام .... فلا تستغرب .... لو ظهر لك
بين الفينة والفينة .... قارئ عنيف يلوي أعناق الكلمات والجمل .... ويسفه
من الأفكار ويسطحها .... برؤيته .... وتذكر أنه قد يكون له خلفية وثقافة
مختلفة عنك .... فحاول عدم العنف معه .... وتعامل معه برفق ورحابة صدر
.... وأعطه النية الحسنة .... فربما يكون يوما من أهم القراء لك ....

وفق الله الجميع ...

وبإنتظار زياداتكم على ما قلت للسائل ...

__________________