peso مشرف المنتدى العام+الجوال
عدد الرسائل : 2846 العمر : 36 نقاط : 294114
| موضوع: شماتتنا بهم وشماتتهم بنا السبت أبريل 04, 2009 4:43 pm | |
| شماتتنا بهم وشماتتهم بنا
كان أحد الأخوين اللذين يمتلكان مزرعتين لتربية الدجاج اللاحم، يمر على الشركة التي يتعاملان معها لأخذ الأعلاف والعلاجات والحاجات الأخرى، ويسأل بعد انقضاء فترة التربية: كم خسر أخي؟ وكان أخوه يفعل نفس الشيء، ولم يحدث أن سأل أحدهما: كم ربح أخي. كان أحدهما يشعر بالأسى إذا كانت أرباح أخيه تفوق أرباحه، هذا في حالات الربح، أما في حالات الخسارة، فكان لا يخفف من وقع خسارة أحدهما، إلا أن تكون خسارة أخيه أعظم من خسارته!
يزيد اهتمام العرب هذه الأيام بمراقبة ما يجري في اقتصاد العالم، ويسارعون في كل صباح لتناقل أخبار انهيار بنك غربي أو انخفاض قيمة أسهم شركة، أو أسعار سلع معينة، وتبدو عليهم علامات الارتياح الكبير، ولا ينسوا الدعاء في سرهم أن يعاونهم الله على إلحاق المزيد من الخسائر في اقتصاد أعدائهم.
سهل على المرء التنبؤ بدوافع هذا الابتهاج الذي يلف مشاعر العرب، فهم في حالة عجز ويأس من أنهم يستطيعون التفوق على غيرهم من دون معونة الله، فلذلك يفرحون إن اجتاحت الفيضانات مدن أمريكا، وحطمت الزلازل بيوتهم، وانتشر الوباء في مناطقهم.
بالمقابل، فإن الغرب ينظر نظرة لا تقل سوءا عن نظرتنا لهم. ففي مقابلة للجزيرة مع (توماس فريدمان) قبل أسابيع، تطرق ذلك الصحفي والذي يمكن تصنيفه على أنه عينة صادقة تمثل التوجه الرسمي والنخبوي في الولايات المتحدة، فقال على لسان (قائلين لم يسمهم!) أنه على الدول العربية الغنية (بأموالها) أن تتحمل جزءا كبيرا مما يحدث في العالم، فهي دول تنعم باختراعاتنا وإنجازاتنا وتضحياتنا، فليس كثيرا أن تقوم بتمويل تلك التضحيات، طالما أنها لا تقدم شيئا من اختراعها. وهذا الرأي صرح به (كيسنجر) علنا دون أن ينسبه لجهات مجهولة على طريقة (توماس فريدمان).
في شماتتنا، حنق وعجز وتصور مهزوز لما ستؤول إليه أمور مستقبلنا، فهل لو توقف جهد الغرب أو الدول المتقدمة أو حتى لو محقت دولهم بأدواتها ومنجزاتها، هل سيكون حالنا أفضل؟
بالتأكيد، كلا، فعندما انصرف العالم لاستخدام الوقود العضوي مستخرجا إياه من الذرة والصويا والحبوب الأخرى، اختل وضع العالم الغذائي، وتأرجحت اقتصادياته ولا تزال، وأن جاهزية دولنا للاستغناء عن خدمات العالم وسلعه لم تبلغ بعد خط البداية.
لكن هل نحرم أنفسنا من الابتهاج والتشمت بهم ولو للحظات قليلة تمر بعد غياب عدة قرون؟ وهم في نفس الوقت لا يكفوا عن السخرية بنا واستغفالنا ونهب خيراتنا وتعطيل قدرتنا عن التفكير للاستعداد للخلاص مما نحن فيه؟
إن استلهام واقع الأعداء لا يقتصر على تقليدهم في الكراهية، وتناسي أسباب قوتهم الأخرى..
| |
|