peso مشرف المنتدى العام+الجوال
عدد الرسائل : 2846 العمر : 36 نقاط : 294114
| موضوع: الانتخابات وشهادات الزور السبت أبريل 04, 2009 4:09 pm | |
| الانتخابات وشهادة الزور
في مسابقات المتقدمين ليصبحوا مطربين، يَمْثُل المتقدمون أمام لجنة مكونة من عدة خبراء في تمييز العُرَب الموسيقية والتناسق بين الإيقاع وأداء المتسابق، وطريقة إخراج الحروف أثناء الأداء الخ. ويحدث هذا أيضا عند المتسابقين في الشِعر فتتكون اللجنة من مختصين في العروض والبلاغة وتكرار الفكرة أو عدمها الخ. وكثيرة هي الأمثلة التي يكون فيها المحكمون من ذوي الاختصاص في المجال المعروض عليهم.
في عصور أجدادنا الذهبية، قال بعض الخلفاء: دلوني عن رجل استعمله على أمر قد أهمني، قالوا: وكيف تريده? قال: إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأميرهم، وإن كان أميرهم كان كالرجل منهم. قالوا: ما نعلمه إلا الربيع بن زياد الحارثي، قال: صدقتم وهو لها. وفي هذا المثل أحيل الأمر على ذوي الاختصاص ليستعرضوا المواصفات التي طلبها ولي أمرهم.
في كل الأمثلة السابقة، كان المحكمون المختصون هم أساس عملية الاختيار والانتقاء، فبقدر مطابقة مواصفات المتقدم للمنافسة، مع شروط الصفة التي تكونت لدى المحكمين وصارت كالقاعدة أو القانون، بقدر ما يتوفق المجتمع في أن يحظى بخادم أو موظف كبير أو مبدع في المجال الذي تسابق فيه.
لكن، هل عملية الانتخابات التي تمارسها كثير من دول العالم، ويحلم بها أبناء وطننا العربي تتطابق مع الشروط الواردة بالأمثلة السابقة؟
في عملية الانتخابات، لا يكون المتقدمون هم الأفضل بين أبناء مجتمعهم القادرين على التقدم للمنافسة، وقد يكونون كذلك، ولكن نقطة الخلل في وضعهم هي أن هناك شرط آخر، هو القدرة المالية أو القاعدة الانتخابية (حزبية أو عشائرية أو فئوية أو جهوية)، وقد لا يكتمل هذا الشرط عند أشخاص لهم من المواصفات الأخرى ما يجعلهم يتفوقون على غيرهم من المرشحين.
من ناحية أخرى، فإن المحكمين في عملية الانتخابات، هم الناخبون الذين يصلون الى صناديق الاقتراع، وقد يفتقد معظمهم القدرة على أن يكون محكما مؤهلا قادرا على تمييز من هو المرشح الذي يخدم المجتمع من غيره.
هناك الكثير من الجمهور من يستنكف عن الذهاب الى صناديق الاقتراع، للإدلاء بصوته، متخذا موقفا كموقف من يُعرض عليه ( سندويتش من الصراصير أو سندويتش من الخنافس)، فهو يفضل عدم الأكل في الحالتين. هذا ما يحدث في كثير من الانتخابات عندما لا تزيد نسبة المشتركين في الانتخابات عن الربع أو النصف كما حدث في انتخابات مصر أو المغرب أو حتى الولايات المتحدة.
طالما أن شروط الاختيار أو الانتخاب، من حيث أهلية المحكمين ومعرفتهم الدقيقة بخصائص من يُعرض عليهم، أو من حيث تساوي الفرص للمتقدمين دون شروط مقننة، فإن عملية الانتخابات هنا تصبح أشبه بشهادة الزور.
| |
|