peso مشرف المنتدى العام+الجوال
عدد الرسائل : 2846 العمر : 36 نقاط : 294114
| موضوع: أنت ديكتاتوري .... السبت أبريل 04, 2009 3:32 pm | |
| إن العقل العربي يحكم على الواقع بمسحة صارمة بلا تردد برؤية جزئية مأسورة بتلك الأحكام المسبقة المخزنة في عقله الباطن عبر الزمن . فحين يحكم أو يقرأ أو يشاهد أو يفعل ينطلق من تأثره الحاد بالأفكار والأحكام المسبقة التي تجعله يستقبل ويتذكر تذكراً انتقائياً متأثر بالقالب المسيطر عليه ويتمثل واقعه بخريطة عقله ويستغرب من يخالفه الرأي ! إن العقل يمتلك أدوات كثيرة للالتواء والانثناء وحجب شمس الحقيقة بحجج يرى أنها قطعية الدلالة لاتقبل النقاش البتة . شعاره لاأريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد " وإنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون " مع أن هذا الواقع بطبيعة زئبقي يستعصي على التشكيل مما يجعل العقل عرضة للإدراك السطحي والجزئي المبتسر القابل للنقاش والجدال والمعرض للزلل والخطأ وليس له عصمة إلا بالنقل والاستقصاء والبحث التجريبي والإحصاء والمقارنات والمقاربات والأدلة والبراهين " قل هاتوا برهانكم " ومن دلائل عجز العقل العربي برهان التوحد الذي يدل عليه في قوله " السبب الوحيد والمشكلة الوحيدة والتفسير الواحد والعيب الواحد .. ومن أسباب هذا التوحد ضحالة الفكر العربي والجدب الثقافي الذي يجد له رواجاً في أمة أمية لاتعرف القراءة وتحارب النقد ! وبسبب هذا الاعتقاد المتوحد ينشئ الخلاف والجدال العقيم والانقسام الثقافي والفكري الذي لايقبل الرأي والرأي الآخر فيمنعنا من البحث والتقصي والتفتيش عن الأسباب ومعامل الارتباط والعامل التابع والمستقل الذي يؤثر في دراسة ظاهرة ما .فتفتقر حياتنا وثقافتنا وتصوراتنا مما يجعلنا عرضة للإقصاء والرشق بتهم جاهزة ومغلفة بمسحة حانية أو مشفقه ! وهذا القصور في العقل العربي يعود بطبيعته إلى طبيعة الإدراك والثقافة السائدة التي لاتقبل النقد والبحث وتقبل الآخر فينطلق إلى نتيجة لامقدمة لها إلا الرفض لكل من يخالفه الرأي . مع أننا لو وضعنا شمعة في غرفة مظلمة فإنها ستوفر لنا إضاءة ملحوظة لكن لو وضعناها في غرفة مضاءة بمئة شمعة فإنها سوف تبدو وكأنها لاتشكل أية إضافة وعلى هذا فكم من رأي آفته الفهم السقيم وكم من فكرة قوبلت بالرفض الشديد ولم تجد لها رواجاً في ساحة العقل الدكتاتوري المتفرد بعجزه وجهله وكبريائه ! وقس على ذلك تلك الآراء التي تميل إلى التعميم بقدح دولة أو قبيلة بأسرها أو بنكته تجهل شعباً ما بأنه مشهور بكذا تعميم للأوصاف وحمل عليه لشرائح عريضة من القبائل والشعوب لايرى صاحب هذا الفكر المتوحد أي بأس أو إشارة تأنيب ضمير ! ومن دلائل هذا الفكر العربي أنه يميل إلى " أبو العريف " فهو يحكم ويجيب على كل جائحة وقضية بلا تردد أو تفكير بل يحكم بقطعية الدلالة واليقين ولا يتقبل أي فكرة أو فكر وإنما يطير بها فرحاً بقالب ذهني متحجر يفتقد القدرة على النقد والتمحيص والبحث والتجريب . ونجد لصاحب هذا الفكر علامات تدل عليه بفكره المتصلب الذي يسلك مسارات ومدخلاً واحداً حتى لو واجه الشدائد يجمح إليه على حرد يرى أنه من القادرين والعارفين ! سبيله في ذلك الميل إلى المثالية بلا توسط ويدل على ذلك تلك الكتابات الصحفية والملاسنات الفضائية والكتابات عبر الإنترنت التي تفيض بالأحكام الصارمة أو النظرة المثالية لاتسمح بالتفصيل والتحليل والخوض في أعماق القضية . مما أوجد في وسطنا العربي عقولاً سطحية تطير " بالشائعات والفضائح والأخبار " على أنها قول واحد قد أجمعت عليه الأمة بل وينادى بالنشر في سبيل الأجر والديانة . هذه بعض من مشاكل الفكر العربي المتشبع بالعاطفية والجنوح إلى التفكير الذري والمسحة السطحية التي لاتقبل النقد أو التمحيس أو التحليل وإجراء المنهج التجريبي الذي يدل على القضية بالعلم والمعرفة والبرهان . | |
|