الطوافة وأصل الضيافة... وشرف الخدمة... وطيب الاستضافة...

إخوتي أخواتي الكرام الأفاضل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تأتي أيام وتذهب أيام ويركض بنا الزمان على كفوف الأقدار...

وكأننا بالأمس القريب استقبلنا شهر الخيرات بالتهاني والدعوات...

وكأننا بالأمس نفسه ودعناه بالحسرات والدموع ونحن نقول اللهم اجعلنا من عواده...

تتعاقب مواسم الطاعات والخيرات وتتجلى في غمضة عين...

وهانحن اليوم نستقبل موسم آخر فضيل ألا وهو موسم الحج بروحانيته العالية ومشاعره وإيحاءاته وشعائره

في أنفس المسلمين وتكبيرات وتهليلات حجاج بيت الله العتيق.

جعله الله تعالى حجاً مبرورا ًوسعيا ًمشكورا ًوذنبا ًمفورا ً

وتقبل الله منا ومنهم ومن المسلمين أجمعين صالح الأعمال والطاعات...

أحببت اليوم من خلال موضوعي هذا أن أتحدث عن مهنة الطوافة ودور المطوفين في الحج..

لألفت نظركم إلى أشياء في هذه المهنة العظيمة قد يعرفها البعض والبعض قد لا يعرف عنها شيء،،

إن مهنة الطوافة تعد واحدة من أعرق المهن وأبرزها في المجتمع المكّاوي...

وقد عمل بها الكثير من أبناء مكة المكرمة واشتهر بخدمتها الكثير من الأسر والعائلات والأفراد هناك،،

الذين أبدوا استعداداتهم الطيبة لشرف خدمة حجاج بيت الله العتيق...

فأصبحت مهنة الطوافة من المهن التي تتوارثها الأجيال أبا ًعن جد...

وهذه الخدمة تهدف إلى تقديم كل ما يلزم من الخدمات لضيوف الرحمن المتوافدين إلى الديار المقدسة في كل عام

ولم تُفرض لها رسوم في العصور القديمة سواء ثابتة أو إلزامية...

وإنما كانت تترك بالبركة والميسور لظروف الحاج ومن ثم تقديره للخدمات والتسهيلات المقدمة له...

فلو نظرنا إلى أصول الطوافة وجذورها لوجدناها نوع من أنواع الضيافة الخاصة التي تُقدم لضيوف الرحمن

وقد ظهرت في عصور قديمة كمهنة تزايدت فيها أعداد المتطوعين والعاملين بها في كل عام من أبناء مكة المكرمة

وقد كان المطوف هو المسؤول الوحيد عن الحاج وخدمته وتوفير جميع سبل الراحة والاستقرار له منذ وصوله إلى مكة المكرمة ومن ثم،،

إلى منى وعرفات لحين انتهائه من تأدية مناسك الحج والعمرة والزيارة وعودته منها لسفره بحفظ الله ورعايته..

فقد كان المطوف يقوم باستقبال الحجاج وتسجيل الوثائق الخاصة بهم وتوفير وسائل النقل والمواصلات والمسكن الملائم لهم

وتقديم جميع مطالبهم المعيشية وتطويفهم وتوجيههم التوجيه السليم في أداء مناسك الحج والشعائر كلها...

ويهيئ لهم المأوى في عرفات ومنى وفيما بينهما مع تأمين وسائل التنقل داخل المشاعر وخارجها...

فهو المسؤول عن سلامة الحاج وعلاجه ومرضه والبحث عنه عندما يضل سبيله..

حتى إذا جاءته المنية...

يعتبر المطوف مسئولا ًعن واجبات الغسل والدفن والحفاظ على جميع المتروكات الخاصة به وتسليمها لأهله...

وبفضل الله وكرمه وتوفيقه شهدت الطوافة الكثير والكثير من التنظيمات في عهد الملك عبد العزيز رحمة الله عليه

وأبنائه من بعده حتى يومنا هذا...

فلازلنا نشهد المشاريع الجبارة والإنجازات الضخمة على أرض الواقع في كل موسم والحمد والشكر لله

ولازال هناك الكثير والكثير من التقارير والأفكار والمحاولات التي تعد بجزئياتها وتفاصيلها وعموميتها

تصب في صالح الحاج وفي سبيل راحته واستقراره وأمنه وسلامته.

نسأل الله للجميع القبول وحسن الجزاء

وأن يجعله حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً

وكل عام وانتم بخير

والسلام عليكم

تحية طيبة للعموم،،،