كاتب عن كاتب .... يفرق ....

أنت .... تكتب ... وأنا أكتب ... والكثير منا يكتبون هنا ... وهناك ...
كلنا ... نشترك في مسمى كاتب ...
رغم إختلاف .... نوعية ما نكتب من بديع أو خربشات ... ورغم إختلاف القنوات التي نكتب فيها ...
ورغم تباين شخصياتنا ...
ورغم البؤن الشاسع بين دوافعنا ... وأهدافنا ....
ورغم الخليط المتنافر المتباين من حواس وإدراك المتلقيين...

والقدرة على الكتابة ليست إلا بذرة ... تنشأ في نفس الشخص منذ الصغر ... كالبيضة والدجاجة لا يعرف أيهما كان أولا ....
ومهما حاول أن يخفيها ... فإنها تضل تطل برأسها بارزة من أحشاء تربة عقله .... لتعانق إغراء أشعة الشمس ...

بذرة ... لا بد له من أن يرعاها بضلوعه ... ويسقيها بدموعه ... ويحميها
... ويهذبها بأكفه ... لتورد بالزهر الغض الجميل ... وتطرح الثمار الشهية
الناضجة المفيدة ...

البعض .... يهملها ... فلا يسقيها ... ولا يغذيها ... ولا يتولاها
بالرعاية ... فتشذ عن الطور ... وتتفرع دون منهجية ... وتتسلق أشجار أخرى
... وتلتوي بالشوك ... وتمتلئ بالفطريات ... وتنثني وتنكسر ... وتضمحل
.... حتى يذروها الريح لكثبان النسيان ...

والبعض يكون هدفه تجاريا أو مصلحيا بحت ... يرعاها ليصل من خلال تبرعمها لهدف اجتماعي ... أو سياسي .. أو تعليمي ... أو شخصي ...

والبعض يكون هدفه ... تأصيل منهج على مناهج أخرى ...
أو تعنصر ... من نوع معين ... أو كره لمجالات وأشخاص يختلفون عنه ...
أو طمس متعمد للحقائق وهد جبري لأساسها ... وتثبيت لفكرة واحدة تضل هي
السائدة على كل الأفكار ... فتسرق الضوء وتعتم الصور .. وتحل بزيفها محل
الحقيقة ...
أو تضليل ... أو لي للأعناق ... وتهميش للتاريخ ... وقلب للحقائق ...
و تطبيل لشخصية أو دولة أو تجمع معين ... وتنزيهه ... ووضعه في مكان مقدس ... بعيد عن الشكوك ... رغم معرفته بعكس ذلك ...
والبعض يكتب ... ولا يلبث أن تصطدم حروفه بجروف الواقع المادي المسيطر ... والاجتماعي المقولب ...
فلكي تظهر كلماتك وتشع في الآفاق ... لا بد أن تنحني حتى تمسح بذقنك التراب ..
والبعض يكتب ... ليهرب من واقعه ... وينفس عن همومه ... ويبني من حوله
عالم من الزيف ... و ينعم في التمتع بحدود حريته الهلامية .. الهشة ...
والبعض .. يكتب ليتذكره التاريخ ... والبشر ...
والبعض يكتب .... لينسى ....
كلنا كتاب ...
ولكن ...
من منا .... له منهجية ... وخلفية ... وعتاد ... وأدوات ... ومصداقية ...
وأمانه .... تكفيه الضرر ... وتحميه من الشر ... وتوصله إلى مرافئ الراحة
... والتفاني ... ونبذ الأنا ... وخدمة أخوه الإنسان أيا وأينما كان ....
؟؟