في الوقت الذي أعلنت فيه وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية التابعة لوزارة الدفاع "البنتاجون" في موقع الوظائف الشاغرة الحكومية على الإنترنت، حاجتها إلى محلل مخابراتي للعمل في مكتب الملحق العسكري الأمريكي في القاهرة، وكانت مِن أهم شروط المتقدّم للوظيفة أن يكون لديه القدرة على القيام بمهام بحثية وتحليلية وقيامه بإعداد مذكرات عن التطوّرات العسكرية والسياسية داخل مصر، بشرط أن تُنجَز هذه التقارير في سرية تامة، هو نفس الوقت الذي فجّر فيه طالبان مصريان -كلية آداب إعلام جامعة عين شمس- عن محاولات السفارة الإسرائيلية لتجنيدهما كجواسيس لصالح إسرائيل، وكان ذلك أثناء الحوار الصحفي الذي أجراه الطالبان "مصطفى الطيب ومروة رابح" مع السفير الإسرائيلي في القاهرة بهدف عمل "خَبْطَة صحفية"..!!
ولكن الموضوع لم يتوقف عند حد "الخَبْطَة الصحفية"، وإنما وصل إلى عرضهم على الطالبين وعودا بالسفر ومِنحا دراسية وتحقيق كل ما يحلمان به، مقابل أن يتعاونا معهم وأن يوفّرا عشرة طلاب مصريين آخرين بحجة التبادل الطلابي بين القاهرة وتل أبيب!!
كما فوجئ الطالبان بتسلّمهما كتبا عن تاريخ إسرائيل وحقها الطبيعي في أرض فلسطين والذي وصفها الطالب مصطفى بأنها "كتب غسيل مخ".. ما حدث مع مروة ومصطفى يُجدد المخاوف فما زال العدو يتربّص بنا ويبحث عن صيد يُجنّده!! فما الذي يحمي شبابنا من السقوط في فخ الجاسوسية؟!!
الشباب صيد سهل؛ لأنه لم يعاصر الحروب مع إسرائيل!! أكد اللواء د.أحمد عبد الحليم -وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشورى- أن إسرائيل تركز على الشباب؛ لأن الأجيال الحالية لم تعاصر الحروب والأزمات مع إسرائيل مما يؤدي إلى كسب ثقتهم بسهولة، مشيراً إلى أنه ما زال هناك صراع.
وأشار إلى أن الحوار الذي أجراه الطالبان مع السفير الإسرائيلي بهدف عمل خبطة صحفية، يكشف عن القصور الثقافي لدى الشباب المصري، ومِن هنا لا بد أن نتحرّك لتوعية شبابنا بالعدو الذي ما زال وسيظل يتربّص بنا، وهنا يبرز دور وزارة التربية والتعليم ودور الإعلام المصري ودور الآباء في التربية .
كما أضاف أنه في وقت السلم تزداد حاجة إسرائيل للمعلومات عن مصر، ولهذا فمخطئ مَن يعتقد أن إسرائيل لم تعد تهتم بعد اتفاقية السلام بتجنيد جواسيس في مصر تعمل لصالحها، فهي ما زالت تبحث عن صيد!! وتساءل في اندهاش: إذا كانت إسرائيل تجمع معلومات عن أمريكا وهي حليفة لها.. فكيف لا تجمع معلومات عن مصر؟!!
إسرائيل تُراهن على الجيل الذي لم يرَ الحرب!!كما أكد سيف اليزل "الخبير الاستراتيجي" أن إسرائيل تراهن على الجيل الذي لم يرَ الحرب، والذي يحتكّ بالحريات وزيارات التعاون الرسمي مع إسرائيل، إلا أنه يجب أن يعرف أن إسرائيل ترتكب جرائم ومجازر وحشية في فلسطين وأنها دولة مستعمرة. كما أن البحث عن المعلومات لا يتوقف تحت أي ظروف؛ ففي السلم والحرب تجمع إسرائيل المعلومات.
وطالب "اليزل" بضرورة تنمية الوعي الأمني في الجامعات المصرية؛ لأنه واجب من خلال الأعمال السينمائية والتليفزيونية وليس محاضرات في الجامعات، خاصة وأننا نواجه دولة عملية جدا مثل إسرائيل، وأن الجيش هو الدولة هناك؛ لذلك هي دولة خائفة على وجودها، وهو ما يدفعهم لتكرار محاولات تجنيد شباب مصريين. كما طالب الطلاب باستشارة أهلهم وعدم الاندفاع وراء مكاسب بسيطة مثل إجراء حوار صحفي مع السفير الإسرائيلي.
ونفى "اليزل" إمكانية منع محاولات التجسس على مصر، وقال إنه يمكن أن ينظر البعض لزيارة طالبين مصريين للسفارة الإسرائيلية على أنه أمر عادي، ويمكن أن يمر مرور الكرام، ولكن هذا الموضوع يحمل دلالات عديدة فهو يُعبّر عن: الانفجار السكاني والبطالة والانفصال الأسري، ومحاولات البعض الاتصال بالإسرائيليين؛ للحصول على مبالغ مالية، وهنا بات علينا أن نحاول معالجة كل هذه المشاكل التي يعاني منها مجتمعنا والتي تُؤثر على الشباب وتوقعهم فريسة لعدونا مقابل أن يتخلّصوا مِن تلك المشاكل.