peso مشرف المنتدى العام+الجوال
عدد الرسائل : 2846 العمر : 36 نقاط : 293964
| موضوع: كشكول مُمتليء وآخر فارغ .. !! السبت أبريل 11, 2009 9:15 am | |
| لطالما علمنا آبائنا العرب القدماء بأن الإنسان الناضج والحكيم هو الذي يتعامل مع شتى المواقف بصورة الرجل الجلد والذي يتحمل شتى الظروف ولا يتباكى ولا يشتكي ... لطالما كانت موروثات العرب القديمة هو أن يتعامل المرء من جل المحن برجولية تامة وأن يكون وعاءً يستقبل المحن والصعاب ولا يفرط من عيناه قطرة دمع واحدة تُعبر عن إرهاقه أو أحزانه بسبب تلك المحن والمصاعب ...
وفي ذات الإطار نتعلم بأن لاشي أسوء على الإنسان من أن يقوم بأدوار لا يعشقها أو لا يبتغيها ... فلقد تعلمنا بأن الإنسان ليس جماداً خالياً من الروح ولهذا فهو حينما يفعل ما لا يود فعله فهو بذلك يقوم بعملية هي مشابهة لحد ما من عملية الإنتحار وإن كانت عملية الإنتحار أخف ألماً حيث أن تأخذ ثواني معدودة بينما ما يقوم به يأخذ شهوراً وأعواماً من الألم والإعياء ...
ولكن الحياة تُخبرنا بأن كل ما تعلمناه من آبائنا العرب القدماء ما هي إلا هرطقات لا لغة لها وما هي في الأصل إلا مُتناقضات ينفي كل منها الآخر .. هكذا هي نتيجة السلب والنهب وتوارث الأشياء دون تمحيص ..
بعضاً من الأم لديها موروثات هي ( أعمق ) وأكثر حكمة وتناسق من حيث المضمون والأداة التي تُساعدنا في حياتنا ... فهم يقولون ( أحبوا محنكم ومصاعبكم ) ... حاولوا أن تحبوا ما لا تستطيعون محبته من آلامكم وأحزانكم ... وحينما لا تستطيعون محبة أحزانكم فإنكم لن تستطيعوا التعامل معها بالصورة الآدمية التي تستوجب علينا التعامل معها ...
من منا يستطيع محبة ( أحزانـــه / آلامـــه / مشاكلـــه ) ( ؟ )
أتفق هنا مع الأغلبية بأن محبة الأحزان والمحن أمراً شاقاً ولكنه حتماً يستحق المشقة .. بل لا يفعله إلا تلك الفئة من البشر والتي تؤمن بأحقيتها بالسعادة في الأرض .. أما تلك الفئة والتي تعيش ( بالبركة ) دون أن تحاول صنع شيئاً فــ ( الله يكون في عونها )
حينما أقام الرسول الكريم والهادي الأمين بأقامة حد الجلد على ( عبدالله الخمار ) والذي كان يتعاطى المُسكر حين فتح خيبر قام أحد الصحابة بلعن عبدالله قائلاً ( لعنك الله الا تفتأ من شرب الخمر ) فغضب الرسول وقال : ( لا تعلنـــه فهو يحب الله ورسوله ) بل أنه بعد ذلك جلس عبدالله الخمار إلي جوار الرسول وقربه إليه كثيراً ..
لقد قال يسوع المسيح ( أحبوا أعدائكم ) وقال موسى ( ربي إغفر لهم فهم لا يعلمون )
المغفرة لا تحتاج سحراً .. فكلمة واحدة تحتوي على عبارة الأسف هي كفيلة بأن ترمم جسوراً محطمة وأن تردم فجوات قد تكون وصلت إلي باطن الأرض ... ولكننا في أحيان عديدة نستسلم إلي ثورة الألم .. بل نستسلم إلي نغمات الأحزان والتي قد تُطالبنا في أحيان عديدة بالإنتقام ..
ولكن في أحيان كثيرة لا نستطيع أن نتخلى عن علاقتنا مع الشيطان .. فنحنُ بصورة مُباشرة أو غير مُباشرة تربطنا علاقة مع الشيطان ... فمن رمى تقديري وعطائي بوابلاً من الحجارة ومن قام بتشريد أطفالي بصورة غير مُباشرة لا أستطيع أن أمنحنه الحب والتقدير بكلمة واحدة مُقتبسة من القواميس اللاتينية أوالعربية .. إن عقولنا قد تقبل التعاطي من القواميس ولكن أرواحنها حتماً لن تفعل ذلك ... فهي تتعامل إما بملائكية أو شيطانية ..
المثالية لا تعني الواقعية .. بل كل المثالية هو أن تتعامل مع الواقع كما هو لا كما تتمنى أن يكون ... !!
لازوردي
| |
|