ليت جامعاتنا في مستوى جودة الجامعة ا لأمريكية!

تعقيبا على الدكتور الموسى:
ليت جامعاتنا في مستوى جودة الجامعة ا لأمريكية!

تدفقت المقالات تباعا بشكل لافت للنظر حول التعليم الجامعي في المملكة
كردة فعل منذ أن حصلت جامعاتنا على ترتيب 2998 من أصل 3000 جامعة عالمية
ضمن التصنيف الأسباني لجامعات العالم, و الذي ارتكز على معايير علمية لا
تخفى على المتمرسين في حقل التعليم.
و قد مثل هذا الترتيب الذي حصلت عليه جامعاتنا فا جعة لا يمكن تخطيها إلا
بلإعتراف والمكاشفة كأول طرق العلاج كما يقول علماء النفس.و في تقديري أن
هذا الترتيب له آثار سلبية على سمعة مؤسساتنا الأكاديمية وخصوصا أن لدينا
الآلاف ممن احتكوا بالبيئات العالمية ولم نجد لمساتهم على المنشآت العلمية
التي يعملون فيها, بالإضافة إلى أن هذا التقييم قد حصل في أعتاب القرن
الواحد والعشرين وميل المؤسسات العلمية نحو أسلوب الحكومة أللإلكترونية.
ولكوننا قوم مهووسين بقضية تصنيف الأشياء كما نشتهي في الأمور الاجتماعية
والاقتصادية و حتى السياسية؛ فقد سبب لنا الهلع عندما صنف الآخرون
جامعاتنا.و قد كشفت فاجعة التصنيف صنوفا من العقليات التي يمكن استقراؤها
من قبل العاملين في الحقول السلوكية كعلم النفس والاجتماع وا
لأنثروبيولوجي (علم الإنسان) ومن ثم معرفة الميكانزمات التي تؤثر على
أدائنا في مناحي الحياة. وفي تقديري أن معظم المقالات لم تتبع الأسلوب
العلمي من ناحية تحديد المشكلة في جامعاتنا وإيجاد الحلول المناسبة لها.و
حيث أنني ورثت حب الولع بالتصنيف من أمتي وتمثلت قول شاعرنا الهمام: وما
أنا إلا امرؤ من غزية إن غزت غزوت....وإن ترشد غزية
أرشد؛ فقد صنفت كتاب هذه المقالات على النحو التالي:- القسم الأول سل سيف
الإنكار و الدفاع عن جامعاتنا واستخدم أسلوب التبرير الذي تبنته وزارة
التعليم العالي واستمات في تغطية السلبيات و كأنهم يطبقون المثل الشعبي كل
مغطى مليح). أ ما القسم الثاني فقد استخدم أسلوب المتاجرة بالأزمة وتصفية
الحسابات القديمة؛ حيث أن هذا الصنف ممن حصلوا على لقب دكتور ويريدون أن
يتفردوا بهذا اللقب ويموتون كمدا عند التزاحم بالأكتاف و حصول الأ صدقاء
عليه؛ ومن ثم يميل هؤلاء الكتاب إلى تضخيم الذات و إغفال جوهر مشكلة
جامعاتنا الحقيقية.و أما القسم الثالث فهو الأخطر وهو الذي ينهج أسلوب
الإسقاط و الذي يعني عند علماء النفس رمي الأخطاء وإلصاقها با لآخرين
كطريقة للتخفيف من ضغوط المشكلة. ومن ذلك ما كتبه الدكتور علي الموسى في
جريدة الوطن حول الجامعة الأمريكية في لندن وكنايتها ب"جامعة البوادي". و
لست هنا بصدد الدفاع عن هذه الجامعة أو التسويق لخدماتها؛ و لكن للتذكير
بأن هناك بون شاسع بيننا وبين التعليم الغربي؛ فهم الآن في طريق تجاوز ما
يسمى التعليم التقليدي -الذي مكانه الفصول- إلى استخدام التعليم عن بعد،
واستخدام التقنية في جميع المجالات متخطية بذلك حواجز المكان والزمان، وقد
فطن خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله- إلى أن التقنية هي تحد حيوي في
صناعة التعليم العالي وتغيير أنماطه وأساليبه التقليدية؛ فأمر بإنشاء مركز
التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد؛ لأنه بحكمته أدرك أننا إذا لم ندخل
المنافسة الدولية في مجال التعليم فسوف تغزونا الجامعات الدولية ونحن في
عقر دورنا. ولعل إنشاء هذا المركز يزيل الأوهام لدى وزارة التعليم العالي،
ويقضي على حيرتها حول جدوى التعليم عن بعد. و لا شك أن هذا النمط من
التعليم هو ثمرة واحدة من ثمار العولمة، والتي يجب أن تفطن له الوزارة
وتستفيد من خبرات الجامعات العالمية في هذا المضمار. وللأسف أن الدكتور
الموسى قد جانب الصواب عندما استدل بالجامعة الأمريكية في لندن كنموذج
لدكاكين الشهادات على حد زعمه، ولم يتبع الأسلوب العلمي المبني على
العقلانية ودراسة وضع الجامعة بدلا من إصدار الأحكام المزاجية والتعميمات
الخاطئة.وقد فاته أن أغلب جامعاتنا هي خير من يستدل به في جانب الخواء
البحثي والتعليمي؛ فمعظم الطلاب يتخرجون بعد ضياع زهرة شبابهم في سبيل نيل
ورقة أو كر تونة على حسب مصطلح الموسى، لا تغني ولا تسمن من جوع، ثم بعد
ذلك تقف طوابير الطلاب في انتظار سراب الوظيفة. و الحقيقة المرة أن
جامعاتنا تفتقد ما يسمى با لاعتراف ا لأكاديمي من قبل الجهات العالمية
المعتبرة، وقد نادى غير واحد من الأكاديميين في حوار الجوف المنعقد حول
التعليم بضرورة التركيز على عنصر الجودة في منظومة الجامعات. ولكوني طالب
دكتوراه في الولايات المتحدة، فقد ركبت صهوة فضولي – كعربي طبعا- وبحثت عن
المكانة العلمية للجامعة الأمريكية في لندن و مقارنتها بوضع جامعاتنا؛
فكانت نتائج البحث كالتالي:
- أن هذه الجامعة لها باع طويل في تقديم خدمات التعليم ومنها التعليم عن
بعد منذ عقود، حيث نالت الاعتراف ألأكاديمي الدولي من جهات عالمية عريقة
مثل اليونسكو، و المجلس الوطني الأمريكي للتعليم، وتحمل عضوية المجلس
الدولي للتعلم المفتوح رقم 4960، وغير ذلك من جهات الاعتراف التي لا يتسع
المقال لذكرها.
- أنها تقدم خدماتها التعليمية في المستويات الثلاث ( البكالوريوس-
الماجستير-الدكتوراه) لأكثر من 65 دولة في دول العالم النامي والمتقدم ‘
وعلى سبيل المثال نسبة الملتحقين من الشرق الأوسط ومنها دول الخليج يفوق
31% من الطلاب، وأن خريجيها يتجاوز الآلف على مستوى العالم ‘ وأصبحت من
الجامعات المألوفة لدى أكثرية الدول.
- أن هذه الجامعة نجحت في تكريم النخبة في المجالات المتعددة ومنحتهم
الدكتوراه الفخرية عبر مجلس أمنائها المحا ئد والذي نال صفة الإ عتراف من
مجلس التعليم البريطاني ‘ والجدير بالذكر أن الجامعة ألأ مريكية قد منحت
الدكتوراه الفخرية لشخصية سعودية معروفة تقديرا لجهوده.
- أن الجامعة لها وكلاء معتمدون من جهات الاختصاص وتمارس نشاطها بالتعاون
مع أساتذة أجلاء في بعض الجامعات السعودية ويشرفون على الدارسين وفق
الأصول والمعايير المتبعة في العرف الأكاديمي.وهي تمارس نشاطها منذ أكثر
من خمس سنوات. فمعروف أن هذه المؤسسة تعيش في المنافسة العالمية ولها
خططها الإستراتيجية التي تفتقدها معظم جامعاتنا.
وبعد هذا أرجو أن لا تأخذ بعضنا المزاجية عند مناقشة موضوع كهذا ‘بل يجب
الأخذ بالموضوعية ‘ وليس بإلقاء الأمور على عواهنها؛ لأنه لا يصح في
الأخير إلا الصحيح.