كثر الزيف من حولنا .... وبدل ملامحنا .. وطمس أمسنا ...!

المراقب من بعيد لما يحدث هنا وهناك في مملكتنا الغالية يظن للوهلة الأولى بأنها بلد حديثة لا جذور لها ولا تاريخ ولا أصول.
ومهرجان الجنادرية هو أحد العوامل الهامة لترسيخ هذا المفهوم لدى النشء الجديد ولدى المتلقي الغير ملم بالحقائق ...!
فكأن هذه البلد .... قادم جديد على أرض الواقع .... بتاريخ لا يتعدى المائة عام ...!؟
والبلد أكبر من ذلك بكثير ..
وأعرق من ذلك وأزهى ...
بل أنها من أكثر الحضارات تقادما ... وعمقا على وجه البسيطة
ولها الكثير من الروافد التاريخية التي يعمل البعض على تجفيفها ... وصرف الأنظار عنها .. بل وتكذيبها ... ومسح معالمها ...!؟
البلد هي إمتداد تاريخي للحواضر البائدة على أرض الجزيرة العربية منذ أبد الآبدين ...
منذ سد مأرب .... منذ السريانية ... منذ مرور إبراهيم عليه السلام على
أرضها ... منذ القرامطة .... منذ الغساسنة والمناذرة ... منذ رحلات الشتاء
والصيف ... منذ سوق عكاظ ... منذ المعلقات ... منذ مينة الفاو ...
منذ عاد ... منذ ثمود .... منذ صالح ... منذ شعيب ... منذ أهل الصحن ...
منذ داحس والغبراء ... منذ حاتم .... منذ أمرؤ القيس ... منذ زرقاء اليمامة ..منذ الزير سالم ...
منذ قريش ... منذ عام الفيل ... منذ عهد محمد (ص).... منذعهد الصحابة ...
والتابعين منذ الدولتين الأموية والعباسية ... منذ الدولة العثمانية ...
ودولة الأشراف ... وآل عائض ... وآل الرشيد ... وأبن جلوي ...وأبن قرملة
... والأدارسة ... وغيرهم من منابر الحضارات التي سادت ثم بادت.
وهذا نذر ضئيل من الحقيقة ... وأمثلة للدلالة لا للحصر .
فأين الحقيقة فيما يحاول البعض تصويره وكأننا جئنا من المجهول على جناح الصدفة ....!
وهل يعيبنا في شيء أن نذكر تاريخنا كما حصل .... ودون رتوش .... ودون حذف أوتعديل ...؟!
لماذا تطمر الحقائق التاريخية ...ولماذا يغض النظر عنها ...؟!
لماذ ينبري هذا أو ذاك لتكذيب كتاب قديم ... أو مذكرات معينة ...؟!
أليست هذه الحقائق جزء لا يتجزاء من نفسياتنا ومن كياننا ... ومن إمتدادنا التاريخي الذي يعيش في جوفنا ... رضينا أم أبينا ..!؟
لماذا لا نظهر تاريخنا كما حدث ... وكما يجب ...!؟
لماذا لا نبحث في تاريخنا بعين الباحث المحب الذي يفخر بكل صغيرة وكبيرة ... وبالعيوب قبل الحسنات ...!؟
لماذا لا نحتفظ بذكرياتنا الثقافية ... وموروثاتنا التاريخية ورموزنا
الأقدمين لنفاخر بها بين الأمم مهما كانت بعيدة أو موغلة في القدم أو لا
تخدم الصورة الحالية لنا .... ؟!
لماذ نهدم تاريخنا بدواعي الحضارة والعمران ... والتقدم ...!؟
لماذا ننسى أشخاصا كانوا أعلاما منيرة في تاريخنا ... حتى وإن كانت لهم
ظروف إقتصادية وفكرية وإجتماعية معينة أجبرتهم على إتخاذ مواقف تاريخية قد
تكون خاطئة من منظورنا الحالي ...!؟
لماذا نتمسك بالقشور الحديثة ... ونزيد من تلميعها ... لتجهر العين وتمنعها من رؤية شخص الماضي ...
ماضي يعتز به جميع العرب .... وننساه ...!؟
ماضي يفتخر به القريب والغريب ... ونهمله ...!؟
فليس من العيب ... أن يكون في تاريخنا القديم مبدعين ... في جميع المجالات ...
وليس من العار أن نعيد ذكرهم ونبجلهم ... حتى وأن لم نرض عما فعلوه كلية ..
فالتاريخ لا ينتقي ... ولا يكذب ... ولا يجامل ... ولا يتجمل
وينتظر منا فقط .... لحظة صدق ... وشجاعة .. وقسطاس ...

__________________